يسعى اتحاد مستثمرى الصناعات الصغيرة والمتوسطة إلى تحويل ما يقرب من 300 ألف ممن يعملون فى «البيزنس المنزلى»، إلى الانخراط فى السوق الرسمية حتى 2020، من خلال مبادرة قام عليها «الاتحاد» لتدريب وتأهيل الشباب. وتأتى «المبادرة» فى ظل انتشار ظاهرة «العمل فى المنازل»، أو ما يسميه البعض «البيزنس المنزلى»، بالتوازى مع مساعٍ حكومية لتمويل تلك المشروعات، عبر مبادرة وزارة الاستثمار المعروفة باسم «فكرتك مشروعك»، ومن خلال جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ورصدت «الوطن» قصص نجاح لبعض الشباب الذين يعملون فى هذا المجال، وبدأوا مشاريعهم بـ1000 جنيه، إلى أن وصلوا إلى مرحلة الاحترافية، وسعى البعض إلى توسيع نشاطاتهم بعد أن حققوا أرباحاً قياسية فى فترة زمنية قليلة، رغم وجود مخاوف لدى بعضهم من التعامل مع الجهات الحكومية، مؤكدين، فى الوقت ذاته، أن التمويل ليس كل شىء، وأن المشكلة الحقيقية تكمن فى صعوبة التراخيص وارتفاع إيجارات المحلات، ما يقلل من أرباح المشاريع الصغيرة والمتوسطة التى تدار من البيوت، ما دعاهم إلى تفضيل الاستمرار فى مجال تسويق منتجاتهم من البيوت، تقليلاً للإنفاق وعدم الدخول فى حسابات أخرى تقلل من أرباحهم الصافية التى لا تهدر فى ضرائب أو إيجار أو عمالة. وقال ياسر السقا، المدير التنفيذى فى اتحاد مستثمرى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إن هناك كثيراً من الشباب يعملون فى «البيزنس المنزلى»، ومن أجل ذلك قمنا العام الماضى بتقديم مشروع «مصنعك فى بيتك»، وقمنا أيضاً بعقد سلسلة كبيرة من الورش لتأهيل هؤلاء لكيفية التسويق الناجح، ودربنا 500 سيدة على ذلك. وأضاف: «نسعى إلى أن يصل عدد المتدربين إلى عدد أكبر خلال الفترات المقبلة، منهم متدربون يعملون من المنزل فى أعمال كثيرة، منها صناعة الجلود والكوروشيه، وغيرها من أعمال تتعلق بالصناعات اليدوية». وأشار «السقا» إلى أن هناك مشاريع صغيرة ومتوسطة، وأيضاً ممن يقومون بالعمل فى المنزل برأس مال بدأ بـ300 جنيه، والنتائج بعد ذلك كانت جيدة فى تحقيق أرباح وتوزيع صناعاتهم بشكل أكبر، بعد أن تمكن عدد كبير من حضور الورش التى نقيمها. وأوضح أن «الاتحاد» يسعى إلى تأهيل هؤلاء الشباب إلى الدخول فى السوق الرسمى من خلال فتح محلات لهم والحصول على رخص وسجل تجارى وضريبى، وطموحنا أن نصل لعدد 300 ألف حتى العام 2020. وعن عدم رغبة كثير من الشباب الذين يعملون فى «البيزنس المنزلى»، الاتجاه إلى الطريق الصحيح والدخول فى مبادرة وزارة الاستثمار من خلال «فكرتك مشروعك»، أكد «السقا» أن «الاتحاد» يقوم على تذليل هذه العقبة من خلال المحاضرات، وحثهم على ضرورة الدخول فى السوق الرسمية. وطالب «السقا» الجهات المعنية فى الدولة بضرورة مساعدة «الاتحاد» فى تحقيق الدور الذى تقوم به فى جعل الشباب قادراً على العمل بمشاريع صغيرة ومتوسطة، وأيضاً من خلال التدريب والتأهيل قبل الدخول فى مشاريع. من جهته، شدد هانى توفيق، الخبير الاقتصادى، على ضرورة الاهتمام بمبادرة اتحاد مستثمرى الصناعات الصغيرة والمتوسطة، التى يجب أن تُدعم من الحكومة، لافتاً إلى أن هذه الخطوة، وهى تحويل الـ300 ألف من العاملين فى «البيزنس المنزلى» وتأهيلهم للدخول فى السوق الرسمية، تهدف إلى الحد من التهرب الضريبى الكبير فى مصر، ودمج القطاع غير الرسمى. وهاجم «توفيق» كل من يعمل من «البيت»، وما يسمى بـ«البيزنس المنزلى»، كونهم تهربوا من الضرائب ولم يعطوا حق الدولة، وأنهم لم يلجأوا إلى الطرق الشرعية، وهى الحصول على سجل تجارى وضريبى. وطالب «توفيق» الجهات الحكومية ومجلس النواب بضرورة سن قوانين تعاقب هؤلاء الأشخاص الذين يعملون من المنازل

ولم يعطوا حق الدولة، مناشداً «المجلس»، رغم قناعته أن هذا الموضوع لن يؤخذ بجدية، إلا أنه ضرورة ملحة لتعويض حق الدولة من هؤلاء الأشخاص. أميرة جرجس، البالغة من العمر 39 عاما، واحدة من هؤلاء، فلم تكتفِ بكونها مهندسة مدنية تنتظر العمل فى القطاع الحكومى أو الخاص، وبدأت تفكر جيداً فى تحقيق دخل لها عن طريق التجارة من المنزل وبأقل التكاليف، وبدأت برأس مال بلغ حينها 20 ألف جنيه. استطاعت «أميرة» فى يناير الماضى تحقيق نجاح كبير فى مشروعها الخاص، وحققت أرباحاً كبيرة، رغم ضعف رأس مال المشروع، إلا أن هذا الأمر لم يكن عائقاً بالنسبة لها حين بدأته. تقول «أميرة»: «ببيع ملابس مستوردة وإكسسوارات حريمى بأسعار تنافس الماركات العالمية فى مصر». استطاعت «أميرة» أن تنشئ قاعدة عملاء لها فى وقت قياسى نظراً لكونها تقوم باستيراد الملابس وتبيعها بأسعار أقل من السوق بكثير. ورغم تعرضها لخسائر فى بداية عملها فى تسويق المنتجات من منزلها، إلا أنها صممت على «إكمال المشوار»، وبدأت تفكر فى التفاوض مع أصحاب المصانع فى مصر، لتصميم نفس الموديلات التى تقوم ببيعها على جروبها وصفحاتها على «السوشيال ميديا»، باعتبار أن الصناعة المصرية لا تقل شأناً عن مثيلاتها المستوردة. فكرت «أميرة» أن توسع نشاطها وتحوله من المنزل إلى السوق الرسمية، بفتح محل لها وعرض منتجاتها، سواء المستوردة أو المحلية الصنع. تضيف: «البيزنس المنزلى لا يحتاج إلى دعم كبير، ولكن سمعت عن فكرة (فكرتك مشروعك) من قبَل جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقبل خوض التفاوض أو تقديم أى أوراق للحصول على قرض، رأيت أن المشروع الذى سيدار خارج المنزل سيكون مكلفاً ويصطدم بعوائق بيروقراطية، إلى جانب ارتفاع قيمة إيجار المحلات، وبالتالى اخترت المنزل كقاعدة لنشاطى التجارى». سها محمد سمير، 40 عاماً، هى الأخرى استطاعت برأس مال 1000 جنيه، أن تبدأ مشروعها من المنزل، عبر بيع الفضة والإكسسوارات ومستلزمات الحلويات والشيكولاتة، حتى أصبحت من أشهر مُسوقى هذه البضائع على «السوشيال ميديا». تقول «سها»: «الأمر كان فى بدايته يحتاج إلى صبر ومزيد من الجهد، ولكن فى عام واحد حققت ما أتمناه، سواء تحقيق أرباح قياسية أو زيادة فى عدد متابعىّ على صفحتى على الفيس بوك». «سها» تبيع بضائع بأسعار تنافسية، كونها لا تدفع إيجاراً، أو رسوماً ضريبية وغيرها مما تقوم به المحلات التى تبيع نفس منتجاتها، الأمر الذى أشارت إليه أن «البيزنس المنزلى» غير مكلف، ويحتاج إلى رأس مال بسيط. وخلال العام الأول من بداية عملها فى تسويق منتجاتها، ومع زيادة عدد الطلبات التى تحتاج إلى توصيل، وكذلك إلى عمالة إضافية، لم تفكر «سها» فى توسيع نشاطها وتحويله إلى نشاط رسمى، بفتح محل لها، مؤكدة أن مخاطر العمل من البيت قليلة، أما العمل فى السوق فقد تكون له مخاطر أكبر. رفضت «سها» التعامل مع البنوك فى الاقتراض، واصفة الأمر بـ«المخيف»، وقالت إن أى شخص من الممكن أن يبدأ مشروعه فوراً دون الوقوع فى أى عوائق. أما نهلة الهادى، التى تدير مشروعاً لـ«الأكل البيتى»، فترى أن انشغال كثير من ربات البيوت، وضعف إمكانياتهن فى طهى الطعام، فرصة كبيرة لمشروعها. ترى «نهلة» أن هذا هو المشروع الفريد، نظراً لكونها اكتسبت خبرات كبيرة فى طهى الطعام بأسلوب عصرى، وتقدمه بأسعار رخيصة مقارنة بأسعار المطاعم. تقول: «منذ عام، جمعت مبلغاً من المال لم يتعدَّ الـ4000 جنيه، وبدأت مشروعى فى طهى الطعام وبيعه لمن لم يسعفه الوقت فى تحضير أكلات قد تأخذ وقتاً طويلاً فى التحضير، وبدأت تسوّق نفسها عن طريق «السوشيال ميديا»، إلى أن وصل صيتها إلى مناطق مجاورة لحيها الذى تسكن فيه.