تصاعدت حدة الأزمة بين هيئة الرقابة المالية، وشركة «بلتون» المالية القابضة، التى نشبت على خلفية إصدار الهيئة قراراً بوقف نشاط الشركة فى مجال الترويج وتغطية الاكتتابات فى البورصة لمدة 6 أشهر، وهو ما يلقى بظلال سلبية على برنامج الطروحات الحكومية، الذى تعتزم الحكومة من خلاله طرح حصص نحو 23 شركة وبنكاً فى البورصة، حيث تأخر الطرح بسبب ما تشهده السوق من تراجع. بدأت الأزمة، منتصف أكتوبر الماضى، بطرح الشركة المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس لأسهم شركة «ثروة كابيتال» القابضة للاستثمارات المالية، ما أعقبه تراجع فى قيمة أسهم الشركة وشركات أخرى، وهو ما فسرته الهيئة بأن هناك شبهة تلاعب فى السوق. ووسط تبادل الاتهامات بين الشركة والهيئة بالتسبب فى تراجع السوق، وانهيار أسهم شركات أخرى، طرح مراقبون تساؤلات حول عواقب تلك المعركة على نظرة المؤسسات المالية الأجنبية للاستثمار فى مصر بشكل عام، والبورصة والاكتتابات بشكل خاص، فيما تدافع الهيئة عن قرارها بأنها أجرت سلسلة من التحقيقات انتهت إلى ارتكابها عدة مخالفات تهدد سوق رأس المال وحقوق المساهمين والمتعاملين مع الشركات. و في خطاب لشركة «مصر المقاصة»، تؤكد فيه عدم وجود أخطاء فى بيع أسهم الطرحين العام والخاص لشركة «ثروة»، وقال الخطاب الموجه إلى «الرقابة المالية» إن كامل الأسهم المطروحة تم تسليمها للعملاء المشترين فى أول أيام تداول. كما حصلت «الوطن» على مذكرة سرية لـ«بلتون» توضح الإجراءات التى تم اتخاذها فى الطرح الأخير، الذى فجر الأزمة بين هيئة الرقابة المالية و«بلتون»، حيث تؤكد الشركة أن هناك عدداً آخر من الأسهم تراجع فى السوق، لكن الهيئة لم تتخذ إجراءات ضدها، منها على سبيل المثال سهم «أموك»، تراجع بنسبة 33%، و«سوديك» بنسبة 26%، و«جلوبال تليكوم» بنسبة 21%، و«عامر» 15%، و«إعمار مصر» 12% و«هيرميس» 12%، و«السويدى» 12% أيضاً. وتضمن البند الحادى عشر من مذكرة الشركة للرد على اتهامات الرقابة بالتلاعب فى السوق أن الهيئة «تغافلت عن مراجعة 7 طروحات لشركات خاصة تمت السنوات القليلة الماضية منها طروحات تمت فى عهد الرئيس السابق للبورصة محمد عمران،

الذى يشغل منصب رئيس هيئة الرقابة المالية حالياً». ورصدت المجموعة أمثلة على تلك الطروحات، منها تراجع سهم «بى إنفستمنتس»، القابضة بنحو 11% عن سعر الطرح فى أول شهر، ومؤخراً ارتفاع التراجع إلى 16%، كذلك سهم «سى آى كابيتال» الذى تراجع 8% بعد 6 أشهر من طرحه، إضافة إلى سهم «التوفيق للتأجير التمويلى»، الذى تراجع بنسبة 16%، وراية لخدمة مراكز الاتصالات الذى فقد 6% من سعر الطرح فى أول شهر تداول، ويتم التداول عليه حالياً بأقل من 30% من قيمته عند الطرح، كذلك سهم «دايس» للملابس، الذى يتم التداول عليه بأقل من قيمة الطرح بنسبة 21%، و«عبور لاند»، الذى تراجع 14% فى أول شهر تداول، وأخيراً «إعمار مصر»، الذى فقد 6% من قيمته فى أول شهر بعد الطرح. فى المقابل، قال المستشار خالد النشار، نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، عن موقف الهيئة: إن قرار منع «بلتون» من ممارسة نشاط ترويج وتغطية الاكتتابات لمدة 6 أشهر، تم اتخاذه بعد سلسلة من التحقيقات، التى أجرتها الهيئة وانتهت إلى وقوع مخالفات تتعلق بسوق رأس المال، وتهدد حقوق المساهمين والمتعاملين مع الشركات. وأوضح، فى تصريحات  أن الهيئة اتخذت التدابير الاحترازية بموجب السلطات التى منحها لها القانون بمنع أى تجاوزات لأى شركة يثبت ارتكابها مخالفات بحق ممارسة كل أو بعض الأنشطة المرخص لها بمزاولتها، إذا قام خطر يهدد استقرار سوق رأس المال أو مصالح المساهمين فى الشركة أو المتعاملين معها. وتابع «النشار»: «قرار الهيئة ليس قرار أشخاص، إنما تنفيذ للقانون»، مشيراً إلى أن ترويج البعض لتغاضى الهيئة عن بعض الحالات المشابهة فى طروحات سابقة «أمر غير صحيح بالمرة». وأضاف: لن أخوض فى مثل هذه المغالطات لكنى أنفذ القانون، ووفقاً للقانون فإنه يحق لشركة بلتون، أو أى شركة أخرى اتخذت الهيئة قراراً ضدها، التقدم بتظلم أمام لجنة التظلمات بالهيئة للطعن على القرار خلال شهر من إعلان العقوبة. ولفت إلى أن لجنة التظلمات مكونة من 3 مستشارين من مجلس الدولة بجانب مرشح من رئيس مجلس الوزراء مع وجود ممثل عن الرقابة المالية، بما يعنى أن اللجنة مستقلة تماماً وتنظر باستقلالية فى الطعون الواردة إليها.